كيف تنجو الشركات الصغيرة والمتوسطة أثناء كوفيد19؟
جاءت الكورونا وتغيرت معها كل معالم حياتنا، ولكن الأكثر تأثرًا بالجائحة هو الاقتصاد.
حيث تسببت الركود الاقتصادي شبه الفوري الناجم عن عمليات الإغلاق التي حدثت بسبب الجائحة في إحداث فوضى في الشركات الكبيرة والصغيرة.
ولكن أكثر من عانى من هذه الجائحة هي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبعض الصناعات مثل المطاعم وتجارة التجزئة والمؤتمرات هي الأكثر تضررًا.
وتهدد الأزمة أكثر من 2.5 مليون من المشروعات التي تقع تحت بند المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في مصر، وتمثل هذه المشروعات العمود الفقري للاقتصاد المصري.
بحسب ما جاء في دراسة لمعهد التخطيط القومي بعنوان “المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مواجهة جائحة كورونا”.
وتشير الدراسة إلى أن تداعيات كورونا على المشروعات الصغيرة والمتوسطة تبدأ بضعف الإمدادات وانخفاض حجم الإنتاج والمبيعات وحدوث الارتباك وتنتهي بالتعثر المالي وفقدان قوة العمل، وقد تمتد للإفلاس والإغلاق الكامل.
ولكن على الرغم من هذه الأزمة المفجعة، إلا أن هناك بعض الشركات استطاعت أن تجعل الأزمة في صالحها وتزيد من مبيعاتها.
ف وفقًا لـ Love money
شهد تطبيق دولينجو، وهو تطبيق يتيح لك تعلم لغة أجنبية بالسرعة التي تناسبك زيادة بنسبة 148% في الاشتراكات في الولايات المتحدة خلال شهر مارس.
وشهد تطبيق اللياقة البدنية Centre للممثل كريس هيمسورث زيادة بنسبة 300% في التنزيلات في أبريل.
وأبلغت خدمة التشخيص والعلاج عن بعد Zipnosis عن زيادة مذهلة بنسبة 3600% في استخدامها نتيجة لفيروس كورونا.
ووفقًا لـ CNN Business باعت سوق Etsy عبر الإنترنت 12 مليون أو ما يعادل 133 مليون دولار من أقنعة الوجه القماشية من 60 ألف بائع منذ بداية أبريل.
ذكرت شركة Eco-counter أنه في الأسابيع الأولى من شهر مايو، شهدت جنوب غرب الولايات المتحدة زيادة بنسبة 100% في استخدام الدراجات.
إذا كيف حدث ذلك، وما هي المحاور التي اتخذتها هذه الشركات نهجًا لمساعدتها في هذه الأزمة؟
اقتراح جاسون نادال للخروج من الأزمة
في 23 أبريل في عام 2020 استضافت “ومضة” ندوة إلكترونية تحت عنوان “اجتياز أزمة كوفيد-19: هل الركود يُفضي إلى الابتكار؟” بحضور جاسون نادال مؤسس شركة Centrado Advertising ، حيث استعرض الدروس المستفادة من فترات الركود السابقة، وكيفية تحويل مسار الشركات في أوقات الأزمات.
وقدم جاسون خلال الندوة عدة نصائح لاجتياز هذه الأزمة، منها:
- ضرورة التكيف بسرعة مع مناخ الأعمال المتطور الذي يتيح الفرص ويفتح بابً للنمو، ولكن يجب ألا تحيد الشركات التي تجري تعديلات جذرية لنموذج أعمالها للخروج من الأزمة عن الطريق، وأن تظل محافظة على القيمة التي تقدمها.
- تحويل المسار بذكاء، حيث أن تحويل المسار يتطلب إبداعًا وتخطيطًا وفهمًا للأمور التي تُوجِّه قاعدة عملائك في الوقت الحالي”.
وأضاف أن:” الشركات الكبرى عندما تحاول تحويل مسارها فإنها تدرس الوسائل التي يمكن من خلالها خفض التكاليف غير الضرورية؛ للحفاظ على السيولة طول الأزمة.
أما الشركات الناشئة، فينبغي أن تبحث عن تحويل المسار عن مواطن إهدار المال، وعن كيفية التكيف مع احتياجات الناس، وعن الأجزاء غير الأساسية في منصتها”.
كم مرة سمعت أحدهم يقول “لا يمكنني الانتظار حتى تعود الأمور إلى طبيعتها؟”
في حين أن هذا أمر طبيعي، فإن أفضل فكرة يجب التركيز عليها هي كيفية إنشاء وضع طبيعي جديد تزدهر فيه.
فكيف يمكن أن يحدث هذا؟!
إذا كنت صاحب شركة فإنك تعلم جيدًا أنه لا يجب أن تخطو أي خطوة في عملك إلا إذا كنت قد درستها جيدًا وعرفت الذي سيترتب عليها من خير أو شر، فما بالك بتغيير نموذج أعمالك، والذي يعد الأساس الرئيسي الذي يقوم عليه عملك.
لذلك قبل أن نتحدث عن المحاور التي يمكنك اتخاذها للخروج من هذه الأزمة هناك بعض الشروط الضرورية التي يجب توافرها في المحاور التي ستعتمد عليها في أداء أعمالك، وهي:
يجب أن تكون المحاور امتدادًا جانبيًا لقدرات الشركة الحالية، مما يعزز نواياها الاستراتيجية وأن تقدم المحاور مسارًا مستدامًا للربح، ويحافظ على قيمة العلامة التجارية ويعززها في ذهن المستهلك. وأن توائم محاور الشركة مع واحد أو أكثر من الاتجاهات طويلة الأمد.
بعد دراسة عدة حالات لشركات استطاعت النجاة من هذه الأزمة خرج الخبراء بعدة محاور وهي:
-
1- إيجاد غرض جديد للموارد الرئيسية الحالية
- قامت شركة LVMH الفرنسية متعددة الجنسيات بتحويل مصانعها للعطور إلى مصانع مطهرات يدوية في أوائل مارس، لتزويد المدارس والسلطات الفرنسية بمطهر بمجاني. ويسلط هذا المحور الضوء على قدرتهم على إيجاد غرض جديد لمواردهم الرئيسية الحالية. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة لم تكن موجهة نحو تحقيق الربح على المدى القصير، إلا أنها خلقت قيمة للشركة في فرنسا وأوروبا، بالإضافة إلى أن هذا النشاط الإنساني للشركة مكنها من إبقاء المصانع مفتوحة، فضلًا عن جذب العمال للعمل، مما يضمن استمرار إنتاجهم ويقلل مخاطر النقص.وكما في حالة LVMH، يمكنك استخدام الموارد الرئيسية في عدد كبير من الأنشطة.هل فكرت في الأنشطة الأخرى التي قد تخدم عملائك بشكل أفضل أو تكمل أنشطتك الحالية بشكل أفضل؟ من خلال إجبار نفسك على ابتكار استخدامات مختلفة لهذه الموارد الرئيسية قد تجد مشروعك التالي.
-
2- التحول إلى هيكل خفيف الأصول
-
استخدمت شركة IBM العملاقة للتكنولوجيا الحاجة إلى سياسات العمل من المنزل نتيجة للوباء، لبدء تحول هائل نحو ثقافة العمل الدائم من المنزل.
في حين أن عدد كبير من الشركات قد شهدت نتائج العمل من المنزل من حيث الأرباح والإنتاجية على حد سواء، إلا أن القليل منهم كان على استعداد لتوحيد هذا الاتجاه.
استخدمت IBM هذا الوباء بذكاء وحولت 75 ألف موظف عالميًا إلى موظفين يعملون من المنزل بشكل دائم، أي أكثر من 20% من القوى العاملة العالمية للشركة.
وحسب ما جاء في مجلة “فوربس” أن هذا التحول أدى إلى توفيرات هائلة للشركة وصلت إلى 50 مليون دولار.
وتمكنت الشركة من خفض تكاليف العقارات والمكاتب بشكل كبير، من خلال رؤية الحاجة إلى العمل من المنزل كفرصة وليس كتهديد.
وتماماً مثل IBM، عليك التفكير في كيفية العثور على طرق للتحول إلى هيكل خفيف للأصول من خلال الاستعانة بمصادر خارجية. أو التخلص تمامًا من التكلفة من دفتر الحسابات الخاص بك.
3- اوجد طريقة لإنجاح الأمر
قطاع المؤتمرات كان أكثر القطاعات تأثرًا بالوباء. ولكن من الشركات التي استطاعت النجاة في هذا القطاع هي شركة Banzai international inc. التي قامت باستضافة المؤتمرات والتسويق لها في منطقة لوس أنجلوس وكانت الغالبية العظمى منها عبارة عن أحداث شخصية.
قبل الوباء كانت الشركة تستضيف المؤتمرات بالطريقة العادية والمتعارف عليها على أرض الواقع، و13% من أحداث هذه الشركة كانت عبر الإنترنت. وعندما جاءت الأزمة وأوشكت الشركة على الإغلاق بسبب عدم وجود إيرادات، حاولت توسيع نطاق الجزء المتخصص بالأحداث الافتراضية على الإنترنت، ولكن لم يكن لديها البنية التحتية والخبرة الكافية لتوسيع نطاق هذا الجزء من أعمالهم بشكل كبير.
وبدلًا من الخضوع للوضع الراهن، قامت الشركة بالاستحواذ على شركة صغيرة في هيوستن تُدعى High Attendance وهي شركة متخصصة بالأحداث الافتراضية للقيام بالأمر بدلًا عنهم.
وتم الإبقاء على نموذج الأعمال والهيكل الإداري للشركة الجديدة كما هو وتم تغيير اسمها فقط لتصبح Banzai Virtual.
وبعد هذا الدمج تجاوز حجم أحداثهم منذ ذلك الحين أرقام ما قبل الوباء.
قال جو ديفي المؤسس والمدير التنفيذي للشركة في حديث مع موقع Los Angeles Times:” تضاعف حجم أحداثنا تقريبًا. لقد كان من حسن حظنا أننا تمكنا من الاستجابة بسرعة كبيرة، لأن هذا قد يكون كارثة كبيرة بالنسبة لنا. إذا لم نفعل شيئًا وقررنا الانتظار حتى ينتهي الأمر، فسنموت”.
4-العثور على تدفق جديد للإيرادات
من الشركات التي كافحت للعثور على محور يمكنها من الصمود في الوباء والتغلب على مشاكلها الأساسية، شركة Spotify الرائد العالمي في بث الموسيقى.
قبل الوباء كان نموذج أعمال Spotify يعتمد اعتماد شبه كُلي على المستخدمين المجانيين الذين يجب أن يستمعوا إلى الإعلانات. وعلى الرغم من أن النموذج كان يُظهر بالفعل بعض علامات النضج، إلا أن حدوده لم تتضح بسهولة حتى تفشى الوباء وخفض المعلنون ميزانياتهم. فأصبح هذا النموذج مشكلة يجب إيجاد حل لها.
وللتغلب على هذه المشكلة اتبعت الشركة معادلات Netflix للنجاح، وقامت بتقديم محتوى أصلي في شكل بودكاست. وشهدت المنصة تحميل الفنانين والمستخدمين أكثر من 150 ألف بودكاست في شهر واحد فقط، ووقعت صفقات بودكاست حصرية مع المشاهير وبدأت في تنظيم قوائم التشغيل.
5- تكيف مع الوضع

إذا كنت صانع ملابس ففكر في التحول إلى صنع الأقنعة في جميع أنحاء العالم (للمستشفيات والمدارس والاستخدام العادي…إلخ)، وإذا كنت تعمل في عالم اللياقة البدنية ففكر في استخدام الدورات والفصول الدراسية عبر الإنترنت، واخلق بيئة عبر الإنترنت يمكن أن تؤدي إلى النجاح.
قد يبدو نقل نشاطك التجاري عبر الإنترنت تحديًا كبيرًا، ولكنه تحَول من مجرد كونه فكرة جديدة إلى شيء ما عليك القيام به.
ولا يقتصر الأمر على انتقال الصناعات الأساسية عبر الإنترنت من أجل البقاء واقفة على قدميها، ولكنه شمل العديد من الأعمال اليدوية التي وجدت أن الأشخاص بدأوا يستخدمون الموارد عبر الإنترنت، لتحسين العديد من مجالات حياتهم التي لم يكن لديهم وقت للتركيز عليها من قبل.
التحول إلى نموذج أعمال رقمي في الغالب ليس جديدًا، إنه تسارع أكثر مما كان يتوقعه أي شخص. ولحسن الحظ، التطور التكنولوجي الموجود اليوم سهل على عملك عملية التحول. فاليوم يوجد عدد كبير من التطبيقات ومواقع الويب ومعالجات الدفع عبر الإنترنت، التي تجعل التأثير العام على عملك أسهل قليلًا في التعامل معه.
لقد أظهر لنا الوباء أن الشركات التي تتطور هي الشركات المرنة حقًا. في النهاية، لا ينبغي أن يكون الهدف من استخدام محاور النجاة هو الصمود أكثر في فترة الوباء على أمل العودة إلى الوضع الطبيعي للعمل، بل الاستفادة من الفرص التي أوجدتها لبناء نموذج أكثر مرونة.
ولكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن تطرحه على نفسك: ما مدى استعداد عملك التجاري لتقوم بالتعديل السريع من أجل البقاء على صلة بعالم اليوم؟.
One Comment