نصائح لإدارة فريق افتراضي
ثم في أوائل القرن العشرين، أدى توافر الكهرباء والمواصلات العامة إلى جذب العمال إلى المكاتب. ولكن بعد ظهور جائحة كورونا وتماشياً مع إجراءات السلامة وللحد من انتشار الوباء، عاد كل شيء إلى جذوره الطبيعية وعاد الموظفين للعمل في منازلهم وأصبحت الشركات تعمل عن بُعد وتقوم بإدارة فريق عمل افتراضي.
وحتى قبل انتشار الوباء في عام 2020 كان العمل عن بُعد ينمو بصورة كبيرة؛ لما له من فوائد جمة لكل من الشركات والموظفين. ولكن النمو المفرط في العمل عن بُعد ينذر بأن هذا هو المستقبل وأن معظم الشركات ستكون افتراضية.
ولكن قبل أن نتطرق إلى الحديث عن أي شيء يخص العمل عن بُعد وكيفية إدارة فريق افتراضي لتحقيق إنتاجية أكبر، والتحديات التي يواجهها المديرين في توجيه فريق افتراضي. دعنا نذكر بعض فوائد العمل عن بُعد للشركات والأفراد في نقاط سريعة، في حال لم تكن تعرف أياً منها:
-
للشركات:
- العمل عن بُعد يزيد الإنتاجية؛ لأنك تدفع للموظفين مقابل إنتاجيتهم وليس مقابل ساعات عمل يقضونها. وأثبتت الدراسات أن الموظفين يكونون أكثر إنتاجية عندما يعملون من المنازل مقارنة بالعمل من المكاتب ويحسن أدائهم وإنتاجيتهم بنسبة 13%.
- يمّكنك من العمل مع أمهر الموظفين بغض النظر عن المكان الذي يمكثون فيه، ولن تشكل لك الحدود الجغرافية عائقاً للبحث عن المواهب واقتناص الكفاءات.
- يساعدك العمل عن بُعد على تجاوز الأسباب والمشاكل التي قد تدفع الموظفين إلى مغادرة الشركة، مثل: بُعد مقر العمل عن مكان إقامة بعض الموظفين.
- العمل عن بُعد يُحسن جودة العمل؛ لأن الموظفين يكونون أكثر صحة سواء من الناحية النفسية أو الجسدية. كما تشير الدراسات إلى أن المرونة في العمل مفيدة للدماغ، مما يؤدي إلى إبداع أكثر في العمل.
- توفير الكثير من التكاليف، مثل: تكاليف الإيجار وتجهيز المكاتب والإنترنت.. وغيرها من تكاليف الخدمات المرتبطة بمقرات العمل.
-
للموظفين:
- تحقيق التوازن بين العمل والحياة الاجتماعية.
- المرونة في العمل؛ فيمكنك العمل من المكان الذي تحب في الوقت الذي تحب، وفي الأجواء التي تحبها.
- توفير الكثير من الوقت الضائع في المواصلات والتنقل من وإلى مكان العمل.
- التمتع بصحة أفضل، حيث أظهرت الأبحاث أنه كلما زادت المدة التي يقضيها الموظف في طريق العمل زادت فرص إصابته ببعض الأمراض مثل: ارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم، وآلام الظهر والرقبة والاكتئاب. وأظهرت دراسة شملت أكثر من 19000 موظف في تسع شركات مختلفة_ قام بها مركز The Sloan Centre on Aging&Work في كلية بوسطن_ أن التوتر والإرهاق كان أقل لدى الموظفين الذين يعملون عن بعد.
وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة التي ذكرناها للعمل عن بعد، إلا أن هناك الكثير من التحديات تواجه المديرون الذين يديرون فريق عمل افتراضي. مثل:
-
اختلاف فروق التوقيت من بلد إلى بلد
إذا كنت تعمل من المكتب بشكل مباشر مع الموظفين_ أو حتى كنت تعمل مع فريق جميع أفراده يعيشون في نفس الدولة_ فسيكون من السهل عليك عقد اجتماعات مع أفراد الفريق في أي وقت تريده.
على عكس العمل مع فريق افتراضي يتكون أفراده من دول مختلفة فلن يكون من السهل عليك اختيار أوقات مناسبة لعقد اجتماع مع أفراد الفريق؛ لأن صباح أحدهم من الممكن أن يكون مساء آخر وذلك نظراً لاختلاف فروق التوقيت من بلد إلى آخر.
-
التعاون وتنسيق العمل على المشاريع
من التحديات التي ستقابلك كمدير لفريق عمل افتراضي هي التعاون وتنسيق العمل على المشاريع بين أفراد الفريق؛ لأن أي خطأ سيُحدث ارتباك بين أفراد الفريق وسيؤدي إلى ضعف إنتاجيتهم وبالتالي تعثر سير العمل. وكما ذكرنا سابقاً أنك إذا كنت تعمل مع فريق عمل تقليدي (بشكل مباشر) سيكون من السهل عليك عقد اجتماعات عند حدوث أي خطأ وأن تتواصل مع أفراد الفريق وجهاً إلى وجه لإيجاد حلول للمشكلة بشكل فوري، أما في حالة الفريق الافتراضي فعليك أن تبذل مجهود مضاعف للتنسيق فيما بينهم.
-
اختلاف الثقافات
أهم ما يميز الفريق الافتراضي هو اختلاف الثقافات فيما بينهم نتيجة لاختلاف بلدانهم وبالتالي اختلاف القيم والرؤى لكل منهم، وأيضاً اختلاف أخلاقيات العمل. ولكن كثير من المدراء لا ينتبه إلى هذا الأمر ويفتقرون إلى فهم عميق لكيفية إدارة الاختلافات الثقافية، ولذلك إذا أردت أن تنجح في إدارة فريق افتراضي عليك أن تولي أهمية إلى هذا الأمر.
-
متابعة العمل
أحد أكبر مخاوف مدراء فرق العمل الافتراضية هو غياب التحكم والمتابعة المباشرة، وهل يقوم الموظفون بأداء عملهم أم لا وهل هم ملتزمون بتنفيذ المهام في الوقت المحدد؟! وغيرها من الأسئلة التي تثير الشك والقلق حول جدوى العمل عن بُعد. لذلك تتطلب إدارة فرق العمل الافتراضية نهجاً صارماً لمتابعة ما يفعله الموظفون باستمرار.
وبعد معرفة بعض التحديات التي تواجه مدراء الفرق الافتراضية، إليك بعض النصائح التي ستساعدك في معالجة التحديات التي ستواجهك في إدارة الفريق، و سيساعدك على زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة الفريق.
-
أحط نفسك بالأشخاص المناسبين
العمل عن بُعد ليس لجميع الأشخاص، فهناك أشخاص يتألقون عندما يعملون في المكاتب ويصابون بالاكتئاب وضعف الإنتاجية عندما يعملون من المنازل وآخرون تزيد إنتاجيتهم وإبداعهم عندما يعملون بحرية أكبر. لذلك عندما تقوم بتكوين فريق عمل افتراضي عليك اختيار الأشخاص المناسبين الذين يتكيفون مع ظروف العمل الاستثنائية هذه. حيث يحتاج أعضاء الفريق الافتراضي إلى مهارات اتصال استثنائية والقدرة على العمل بشكل مستقل بالإضافة إلى القدرات التقنية.
-
اختار الأدوات التكنولوجية المناسبة
إذا كان أعضاء فريقك يعملون في أوقات زمنية مختلفة وفي أماكن مختلفة، فأنت بحاجة إلى التأكد من أن المعلومات المتعلقة بالعمل متاحة للجميع؛ من أجل الحفاظ على إنتاجية الفريق،
ولذلك يجب استخدام أدوات العمل التشاركي.
وهناك عدد كبير من أدوات العمل عن بُعد في السوق، من مجموعة أدوات Google و Microsoft إلى Slack و Zoom و Skype. وهناك تطبيقات لإدارة الوقت ومشاركة المستندات وإدارة المشاريع والموارد البشرية وجداول الاجتماعات.. والقائمة تطول.
من المهم أن تتذكر أن هذه الأدوات هي مجرد أدوات لتمكين العمل، وإذا كان فريقك يواجه صعوبة في استخدام أحدها فعليك العثور على بديل مناسب فوراً. لأنك بمجرد أن تحصل على التوازن التكنولوجي سيصبح التواصل وسير العمل بين أفراد فريقك الافتراضي سلساً ومنتجاً.
-
العمل على تقوية روابط الفريق
تحتاج فرق العمل الافتراضية إلى نفس الأشياء التي تقوم بها الفرق التقليدية لأداء جيد، بما في ذلك التشجيع والتقدير والمكافأة. ومن المعروف أن الفريق الذي يبني الثقة ويخفف من حدة النزاع ويشجع التواصل بين أفراده ويزيد التعاون فيما بينهم لديه فرصة متزايدة للنجاح. ولكن كيف يمكنك عمل ذلك وفريقك لا يقابل بعضه بعضاً؟!
يمكنك أن تحدد لقاءات ربع سنوية يتجمع فيها أفراد الفريق كلهم معاً و يتشاركون العمل في مكتب لمدة أسبوع للتعرف على بعضهم البعض أكثر، أو تفاجئهم بهدايا في المناسبات العامة وذلك سيجعلهم فرحين و يتحمسون أكثر للعمل. ويمكنك أيضاً أن ترتب بعض النشاطات الخارجية التي من الممكن أن يتشاركها أفراد الفريق معاً وتقوي الروابط فيما بينهم مثل: نشاطات التخييم في المناطق البعيدة أو الخروج في رحلات ترفيهية ويمكنك عمل ذلك مرة أو مرتين سنوياً… وغيرها من الأفكار المختلفة.
وأؤكد لك أن كل ذلك سيرفع من الروح المعنوية للفريق ويقوي الروابط فيما بينهم وبالتالي سيعود على شركتك بزيادة في الإنتاجية والجودة.
-
كن حازماً ولكن مرناً
إحدى المزايا الرئيسية للعمل مع فريق افتراضي هي المرونة، وكما أن من المهم الحفاظ على بيئة عمل مرنة، يجب التأكد من القيام بالعمل.
ويمكن أن يؤدي إنشاء ساعات عمل أساسية جنباً إلى جنب مع جدولة المهام المسندة لكل عضو في الفريق إلى زيادة الإنتاجية.
والهدف من ساعات العمل الأساسية هو توقع الردود عندما يتواصل أفراد الفريق بين بعضهم البعض، حتى عبر مناطق زمنية مختلفة. بينما تسمح المهام المسندة بالمرونة الفردية في إدارة الوقت.
-
ابتعد عن الإدارة التفصيلية
الإدارة التفصيلية (Micromanagement) أو الإدارة الجزئية هي “طريقة في إدارة العمل يتدخل من خلالها المدراء في جميع تفاصيل العمل بشكل دقيق، وهي أيضاً تعني الاهتمام المفرط من قبل المدير بمهام الموظفين وسيطرته عليهم، وهذا النوع من المدراء لا يفوضون القرارات إلى موظفيهم. وبالتالي هم من يتحكمون في القرارات مهما كان حجمها.
وهذا النوع من الإدارة يؤدي إلى إضعاف قدرات الموظفين وزعزعة ثقتهم بنفسهم وخفض إنتاجيتهم بشكل عام، وهذا يترتب عليه ضعف الروح المعنوية للفريق وتأسيس جو من عدم الثقة في العمل، ويحد من نمو فريق العمل.
لذلك عليك أن تُشعر أفراد فريقك أنك تثق فيهم وفي قراراتهم طالما أنها لا تضر بالعمل واتركهم يعملون بالطريقة التي تناسبهم ما داموا ينجزون العمل المطلوب، ولكن أيضاً لا يجب أن تتساهل في بعض الأمور مثل الالتزام بمواعيد تسليم العمل وجودة العمل والإنتاجية حتى لا تفلت زمام الأمور من يدك. وكما ذكرنا من قبل كن حازماً ولكن مرناً.
-
الإدارة بالنتائج
في فرق العمل التقليدية معظم الوقت يكون أحد معايير تقييم الأداء لدى الموظفين هو عدد الساعات التي عملوها، ولكن هذا المعيار لن ينفع مع فريق عمل افتراضي _لا يعملون أمام عينيك_ ولا أي معيار آخر لا يمكنك مراقبته ومتابعته بشكل مباشر. لذلك يجب أن يكون معيار تقييم الأداء هو النتائج والجودة واحترام أوقات تسليم المشاريع.
وأنت كقائد لفريق عمل افتراضي يجب عليك أن تكون دائم الاطلاع و على معرفة بمقاييس ومعايير تقييم الأداء، خصوصاً في مجال العمل عن بعد. حتى لا تضطر إلى إهدار أموال وعدم الحصول على نتائج مرضية في النهاية.
-
ساعد الموظفين على عمل توازن بين الحياة الشخصية والمهنية
كما ذكرت سابقاً، الموظفون الذين يتمتعون بالتوازن بين الحياة الشخصية والمهنية هم الأكثر قدرة على الإبداع والأعلى إنتاجية، لذلك عليك أن تساعد أعضاء فريقك على التمتع بهذا التوازن ولا تكلفهم مهام إضافية تجعلهم يعملون ليل نهار ولا تسمح لهم بالمشاركة في الحياة الاجتماعية اليومية؛ لأن ذلك سيعود بالسلب على جودة عملك وعلى شركتك بشكل عام.
في العمل عن بُعد لا أحد خاسر فالكل يربح. فالشركات وأصحاب العمل سيستفيدون من إنتاجية أكبر في مقابل تكاليف أقل، والموظفون عن بُعد سيتمتعون بحياة أفضل. لذلك ماذا تنظر بعد؟! إذا كان لديك فريق عمل بالفعل فقوموا بخوض تجربة العمل عن بُعد وإن لم يكن لديك ف ابدأ بتوظيف المستقلين وتمتع بجني ثمار العمل أنت وهم.